فصل: كتاب الأضحية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***


كتاب الأضحية

قال الجوهري‏:‏ فيها أربع لغات‏:‏ أضحية بضم الهمزة، وتسكين الضاد، وكسر الحاء، وتشديد الياء، وتكسر الهمزة، والباقي على حاله، والجمع أضاحي، وفتح الهمزة، وكسر الحاء، وتشديد الياء، وضحية على وزن فعلية، والجمع ضحايا، وأضحات بفتح الهمزة، وتسكين الضاد، والجمع أضحا مثل أرطاة، وأرطا، وبهماة، وبهما سمي يوم الأضحى، ويمكن أن يكون من الضحى بالقصر، وهو وقت طلوع الشمس، أو من الضحاء المدود مع فتح الضاد، وهو حين ارتفاع النهار؛ لأنها تذبح فيهما‏.‏

ويتمهد الفقه بالنظر في مشروعيتها، وما يجزئ فيها، وزمانها، وأحكامها، فهذه أربعة أنظار‏.‏

النظر الأول‏:‏ في مشروعيتها

وفي الكتاب‏:‏ الأضحية واجبة على المستطيع مسافرا، أو حاضرا إلا الحاج، فإن سنتهم بالهدي، وساكني منى، والمكي الذي يشهد الموسم كالآفاقي، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ لا يؤمر المسافر بالأضحية؛ لأن أبا بكر، وعمر رضي الله عنهما كانا إذا سافرا لا يضحيان، وفي تهذيب الطالب‏:‏ قال ربيعة‏:‏ هي أفضل من صدقة سبعين دينارا، وقال ابن حبيب‏:‏ أفضل من العتق، وعظيم الصدقة؛ لأن إقامة السنة أفضل من التطوع، وقال صاحب القبس‏:‏ يستحب للإنسان أن يضحي عن وليه كما يستحب له الحج عنه، والصدقة، وفي الترمذي قال علي رضي الله عنه‏:‏ أوصاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أضحي عنه‏.‏ قال‏:‏ وعندي أن الميت يصل إليه كل عمل يعمله الحي، وفي الكتاب‏:‏ لا تجب على من فيه رق للحجر عليه في المال‏.‏ قال اللخمي‏:‏ المراد بالوجوب السنة المؤكدة، وقاله ‏(‏ش‏)‏، وابن حنبل لما في مسلم قال عليه السلام‏:‏ ‏(‏إذا دخل العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره، ولا بشره شيئا‏)‏ فوكل ذلك لإرادته، وقال في كتاب محمد بالوجوب، وقاله ابن القاسم في الكتاب، لتصريحه بتأثيم من أخر أضحيته عن أيام النحر، ووافقه ‏(‏ح‏)‏ لقوله عليه السلام لأبي بردة في جذعة الماعز‏:‏ ‏(‏تجزئك، ولا تجزئ أحدا بعدك‏)‏ والإجزاء فرع شغل الذمة‏.‏ قال أبو الطاهر‏:‏ قول ابن القاسم بالتأثيم في الكتاب محمول على الوجوب، وقيل‏:‏ إنما يثبت الوجوب إذا اشتراها‏.‏

فرع‏:‏

قال ابن القصار‏:‏ يستحب لمن أراد التضحية ألا يقص شعره، ولا ظفره إذا أهل ذو الحجة حتى يضحي لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره، ولا بشره شيئا‏)‏ فإذا ضحى أخذ من كل ما منع من أخذه، وقاله ‏(‏ش‏)‏، واختلف في تعليله، فقيل‏:‏ تشبها بالمحرمين، ويشكل بالطيب، والمخيط، وغيرهما، وقيل‏:‏ لما يروى عنه عليه السلام قال‏:‏ ‏(‏كبر أضحيتك يعتق الله بكل جزء منها جزأ منك من النار‏)‏ والشعر، والظفر أجزاء، فيترك حتى يدخل في العتق‏.‏

فرع‏:‏

قال اللخمي‏:‏ قال ابن حبيب‏:‏ من ولد يوم النحر، أو آخر أيامه يضحى عنه، وكذلك من أسلم لبقاء وقت الخطاب بالأضحية بخلاف زكاة الفطر‏.‏

فرع‏:‏

ولا يؤمر بها من تجحف بماله من غير تحديد، ويضحي عن الصبي لوجود السبب في حقه، وهو أيام النحر كملك النصاب‏.‏

فرع‏:‏

وفي البيان‏:‏ للغزاة أن يضحوا من غنم الروم؛ لأن لهم أكلها، ولا يردوها للمقاسم‏.‏

النظر الثاني‏:‏ فيما يجزئ منها

وفيه ثلاثة فصول‏.‏

الفصل الأول‏:‏ في جنسها

قال اللخمي‏:‏ يختص بالنعم‏:‏ الإبل، والبقر، والغنم، والإبل دون الوحش كان له نظير من النعم أم لا لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏على ما رزقهم من بهيمة الأنعام‏)‏ ‏(‏الحج‏:‏ 28‏)‏ وأفضلها الغنم، ثم البقر، ثم الإبل، وقال ‏(‏ش‏)‏ ‏(‏ح‏)‏‏:‏ أفضلها الإبل، ثم البقر، ثم الغنم لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏من راح في الساعة الأولى، فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشا‏)‏ الحديث، ولأن سد الخلات مطلوب للشرع، وهو من الإبل أكثر، فيكون أفضل، والجواب عن الأول‏:‏ القول بالموجب؛ لأنه عليه السلام قال‏:‏ ‏(‏فكأنما قرب بدنة‏)‏ ولم يقل في أي باب، فيحمل على الهدايا، وهو مجمع عليه، وعن الثاني‏:‏ أن المطلوب من الضحايا ليس كثرة اللحم، وسد الخلات بخلاف الهدايا لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏خير الأضحية الكبش‏)‏ ولأن المطلوب إحياء قصة الخليل عليه السلام لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه في الآخرين‏)‏ ‏(‏الصافات‏:‏ 107‏)‏ قيل‏:‏ جعلناه سنة للآخرين، ولأن الله وصفه بالعظيم، ولم يحصل هذا الوصف لغيره من جهة المعنى إن المفدى لم تكن نفاسته لعظم جسمه، بل لعظم معناه، فكذلك ينبغي أن يكون فداؤه تحصيلا للمناسبة؛ لأنه عليه السلام لما ضحى عن نفسه ضحى بالكبش، وفي مسلم‏:‏ ‏(‏أمر عليه السلام بكبش أقرن يطأ في سواد، وينظر في سواد، فأتي به ليضحي به قال يا عائشة‏:‏ هلمي المدية، ثم قال‏:‏ اشحذيها بحجر ففعلت، ثم أخذها، وأخذ الكبش، فأضجعه، ثم قال‏:‏ بسم الله اللهم تقبل من محمد، وآل محمد، ثم ضحى به‏)‏ وحيث ضحى بالبقر إنما كان عن أزواجه‏.‏

وقال ابن شعبان‏:‏ أفضلهما الغنم، ثم الإبل، ثم البقر، وقال أشهب‏:‏ الإبل، ثم البقر، وقال أيضا‏:‏ الإبل، ثم البقر، ثم الغنم لمن هو بمنى؛ لأنه لا أضحية عليه، بل يغلب عليه حكم الهدي‏.‏ وذكور كل جنس أفضل من إناثه، وإناثه أفضل من الجنس الآخر، وقال أيضا‏:‏ الذكور، والإناث سواء، والفحل عنده أفضل من الخصي لشبهه بالأنثى، وقال ابن حبيب‏:‏ الخصي السمين أفضل من الفحل الهزيل؛ لأنه عليه السلام ‏(‏ضحى بكبشين أملحين موجوئين‏)‏ أي خصيين؛ لأن الوجاء القطع‏.‏

فائدة‏:‏ من الإكمال‏:‏ الأملح‏:‏ الأبيض كلون الملح يشوبه سواد ممازج، والذي يخالط بياضه حمرة، أو سواد تعلوه حمرة، أو بياضه أكثر من سواده، أو في خلال بياضه طبقات سواد، أو النقي البياض ستة أقوال‏.‏

فرع‏:‏

قال أبو الطاهر‏:‏ المتولد بين الأنعام، وغيرها إن كانت الإناث من غير الأنعام لا تجزي اتفاقا؛ لأن الحيوان غير الناطق إنما يلحق بأمه، ولذلك إنما يسمى يتيما إذا ماتت أمه، فإن كانت من الأنعام، فالإجزاء؛ لأنها هي الأصل، وعدم الإجزاء؛ لأن مورد الشرع ما خلص من الأنعام، وهذا لم يخلص‏.‏

فائدة‏:‏ الأنعام، والنعمة، والنعم، والنعماء، والنعيم قال صاحب كتاب الزينة‏:‏ هي مأخوذة من لفظة نعم في الجواب؛ لأنها تسر النفوس غالبا، فاشتق اسم ما يسر منها، وقيل‏:‏ النعم من نعامة الرجل، وهي صدرها، وهي تمشي على صدور أرجلها، فسميت نعما‏.‏

الفصل الثاني‏:‏ في سنها

وفي الكتاب‏:‏ لا يجزئ ما دون الثني من الأنعام كلها في الضحايا، والهدايا إلا في الضأن، وقاله الأئمة لما في مسلم‏:‏ قال أبو بردة بن نيار‏:‏ ‏(‏عندي جذعة من المعز هي خير من مسنة، فقال عليه السلام‏:‏ اذبحها ولن تجزئ أحدا بعدك‏)‏ وفيه‏:‏ ‏(‏لا تذبحوا إلا مسنة، فإن عسر عليكم، فاذبحوا الجذع من الضأن‏)‏ والمسنة هي الثنية‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ قال ابن حبيب‏:‏ وسن الجذع من الضأن من ستة أشهر، وقيل‏:‏ ثمانية أشهر، وقيل‏:‏ سنة، وقاله ‏(‏ح‏)‏‏.‏

قال ابن حبيب‏:‏ والثني من المعز ابن سنتين، وقاله ‏(‏ش‏)‏، ومن البقر ابن أربع، ومن الإبل ابن ست، وقاله ‏(‏ش‏)‏، وابن حنبل، قال عبد الوهاب، و‏(‏ح‏)‏‏:‏ الثني من المعز ما دخل في الثانية، ومن البقر ما دخل في الثالثة، وقاله ‏(‏ش‏)‏، و‏(‏ح‏)‏، وفي الجواهر‏:‏ قال أشهب، وابن نافع، وعلي بن زياد، وابن حبيب‏:‏ الجذع ما له سنة، وقال ابن وهب عشرة أشهر، وقيل‏:‏ ثمانية، وروي عن سحنون، وعن علي سنة‏.‏ قال‏:‏ والتحاكم في ذلك إلى أهل اللغة، والأول أشهر عندهم، قاله في كتاب الزكاة‏.‏

تنبيه‏:‏

إنما اختلف أسنان الثنايا لاختلافها في قبول الحمل، والنزوان، فإن ذلك إنما يحصل غالبا في الأسنان المذكورة، ويحصل في الجذع من الضأن بخلاف غيره، ولما كان ما دون الحمل من الآدمي ناقصا في حين الصغر كان من الأنعام كذلك لا يصلح للتقرب، وقد تقدم في الزكاة استيعاب هذا المعنى‏.‏

الفصل الثالث‏:‏ في صفتها

وينبغي أن تكون أفضل نوعها، ويقتدى فيها بالصفات الواردة في السنة، ولا يقصد بها المباهاة، والمفاخرة، فلا يقبل الله تعالى إلا الخالص له، فإنه أغنى الشركاء عن الشرك، وفي الصحيح سئل عليه السلام أي الرقاب أفضل‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏أغلاها ثمنا، وأنفسها عند أهلها‏)‏ قال صاحب الإكمال‏:‏ والمشهور تسمين الأضحية لما في الصحيحين قال أبو العالية‏:‏ كنا نسمن الأضحية بالمدينة، وكان المسلمون يسمنون، وقال ابن القوطي يكره؛ لأنه سنة اليهود‏.‏

والعيوب المخلة بها ثلاثة أقسام‏:‏ ما يخل باللحم كقطع الأذن، وما يفسد اللحم كالمرض، والجرب، وما يخل بالجمال فقط كشق الأذن، وقطع الذنب الذي لا لحم فيه، وعطب الضرع عن الحلاب، فتطرد النصوص في ذلك، وفي الكتاب‏:‏ تجزئ المكسورة القرن إلا أن يدمي؛ لأنه حينئذ مرض، ولا تجزئ المريضة البين مرضها، ولا البشمة، ولا الجربة؛ لأنهما مرض، ولا بأس بالبياض اليسير في العين على غير الناظر، والشق الوسم، ويسير القطع بخلاف جلها، ولا يجزئ العرج البين بخلاف ما لا يمنع لحوق الغنم، ولا تجزئ العمياء، ولا العوراء، ولا العجفاء، ولو حدث ذلك بعد الشراء بخلاف حدوثه بالهدايا بعد التقليد؛ لأن الأضحية لا تتعين إلا بالذبح، ولا تجزئ الناقصة الخلق، ولا بأس بالجلحاء، وهي الجماء، والسكاء، وهي الصغيرة الأذن، وهي الصمعاء، ومنه صومعة الأذان؛ لأنها لا يبرز منها شيء، ولا تجزئ المخلوقة بغير الأذنين وفي النسائي قال عليه السلام‏:‏ ‏(‏أربع لا تجوز في الأضاحي العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء التي لا تنقي‏)‏‏.‏ قال اللخمي‏:‏ تسحب المنافسة في الأضحية قياسا على العتق بجامع القربة، وإذا كثر عيب من غير الأربعة التي في الحديث، فالمذهب قياسا عليها، وقصر البغداديون ذلك على الأربعة، وقال ابن حنبل‏:‏ لا يجزئ ما لا نقي لها، وهو الشحم، وقيل‏:‏ التي لا مخ لها فعلى هذا تجزئ أول ذهاب شحمها، ولا يجزئ الجرب البين؛ لأنه يفسد اللحم، وقال ملك تجزئ الهرمة ما لم يكن بينا، ولا يجزئ الجنون اللازم؛ لأنه يمنع الرعي، فينتقض اللحم، ويمنع الجمال بخلاف ما يحدث في الأحايين، وإذا ذهب الأكثر من كل عين لم تجزئ بخلاف اليسير منها، والشرقاء المشقوقة الأذن، والخرقاء المثقوبتها، والمقابلة المقطوع أذنها من قبل وجهها، والمدابرة من جهة دبرها، ووافقنا الأئمة في جميع ذلك غير أن ‏(‏ح‏)‏ قال‏:‏ إذا حدث العيب عند الذبح أجزأت خلافا لـ ‏(‏ش‏)‏ كأنه يرى أن العيب لم يبق له زمان يظهر فيه أثره، ولم ير مالك، و‏(‏ش‏)‏ الخصاء عيبا؛ لأن الخصية لا تجمل الحيوان، ولا تقصد بالأكل غالبا، وعدمها يطيب اللحم، ولا خلاف في الأنثى الكثيرة الولادة، والذكر الكثير النزو إن فسد لحمهما بذلك‏.‏ قال اللخمي‏:‏ لا يمنع الإجزاء عند البغداديين ذهاب أكثر الأذن، وعلى المذهب لا يجزئ ما له بال لنقص الثمن، فما كان دون الثلث فيسير، أو فوقه فكثير، وقال ابن حبيب و‏(‏ح‏)‏‏:‏ الثلث كما هو في الدية، ومنع ‏(‏ش‏)‏ الإجزاء بذهاب قطعة من الأذن بخلاف الشق، وقال محمد‏:‏ النصف كثير، ولا أحد‏.‏ قال اللخمي‏:‏ والشق أيسر من الذهاب، فيجزئ النصف، وقال محمد‏:‏ تجوز إذا ذهبت جملة قرونها، وقال ابن حبيب‏:‏ لا تجوز العضباء، وهي المكسورة القرن، وإن لم يدم بخلاف ذهاب جارحة فقط‏.‏ قال اللخمي‏:‏ ولا أرى تجزئ من ذلك ما يكثر له شبيها، وقال أشهب‏:‏ تجزئ، وإن كانت تدمي إذا كان المرض خفيفا لسلامة اللحم‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ المكسورة الخارج تسمى قصماء، والذكر أقصم، والمكسورة الداخل تسمى عضباء، والذكر أعضب، وقال مالك في الكبش يطول ذنبه فتنقطع منه قبضة‏:‏ يجتنب‏.‏ قال محمد‏:‏ الكثير مكروه، والثلث كثير، ولا خير في مشطور الضرع كله‏.‏ قال صاحب تهذيب الطالب‏:‏ قال محمد‏:‏ إذا يبس ضرعها كله لا يضحى بها، وإن كانت ترضع ببعضه جاز‏.‏ قال أبو الطاهر‏:‏ والمخلوقة بغير ذنب لا تجزئ لنقصان اللحم إلا على القول بقصر العيوب على الأربعة‏.‏ قال اللخمي‏:‏ ولا تجزئ الذاهبة الأسنان بكسر، ونحوه، وقاله ‏(‏ش‏)‏، وقال ابن حبيب‏:‏ تجزئ إذا كان بإثغار‏.‏ قال مالك‏:‏ وكذلك الكبر، ومنعه مرة، والنتن في الفم مما يتقي لنقصان الجمال، واستلزامه يغير اللحم، أو بعضه‏.‏

النظر الثالث‏:‏ في زمانها

وفي الكتاب‏:‏ يضحي الإمام بالمصلى بعد الصلاة، ثم يذبح الناس بعده، والذبح قبل صلاة الإمام، أو بعدها، وقبل ذبحه غير مجزئ، ويجزئ أهل البوادي، ومن لا إمام لهم أقرب الأئمة إليهم، فإن صادفوا قبله أجزأهم؛ لأن الواجب عليهم الاجتهاد كالقبلة في الصلاة، وقد فعلوا، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ المعتبر الصلاة دون الذبح لقوله عليه السلام في مسلم‏:‏ ‏(‏من ذبح أضحيته قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى‏)‏ وقال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ المعتبر وقت انقضاء الصلاة دون الصلاة، والذبح، وابن حنبل الفراغ من الصلاة، والخطبة‏.‏

لنا‏:‏ ما في مسلم قال عليه السلام‏:‏ ‏(‏أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع، فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل ذلك، فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء‏)‏ وفي البخاري أنه عليه السلام كان يذبح، وينحر بالمصلى‏.‏

وفي الكتاب‏:‏ أيام النحر ثلاثة أيام‏.‏

ولا تجزئ التضحية بليل لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام‏)‏ ‏(‏الحج‏:‏ 28‏)‏ فذكر الأيام دون الليالي، وأقل الجمع ثلاثة، وقال عليه السلام‏:‏ ‏(‏من ضحى بليل فليعد‏)‏ وسميت معلومات أي علم الذبح فيها، والأيام المعدودات ثلاثة بعد يوم النحر أي تعد فيها الجمار، فيوم النحر معلوم غير معدود، والرابع منه معدود غير معلوم، والمتوسطان معلومان معدودان، وفي الإكمال روي عن مالك الإجزاء بالليل، وقاله ‏(‏ش‏)‏، و‏(‏ح‏)‏ خلافا لابن حنبل؛ لاندراج الليالي في الأيام لغة، وقالا الذبح ثلاثة بعد يوم النحر، فتكون أيام الذبح عندهما أربعة‏.‏

سؤال‏:‏ إذا فاته الذبح نهارا لا يذبح ليلا، وإذا فاته الرمي نهارا رمى ليلا مع تناول النص الأيام فيهما، فإن كان الليل يندرج، ففيهما، وإلا فلا يندرج‏.‏

جوابه من وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن كل يوم له رمي يخصه، فتعين القضاء لليل، والذبح واحد، فلا ضرورة لليل، وثانيهما‏:‏ أن المطلوب من الأضحية إظهار الشعائر، ولذلك شرعت في الآفاق، والليل يأبى الظهور بخلاف الرمي، وفي الجواهر‏:‏ ينحر في اليوم الثاني، والثالث وقت ذبح الإمام في اليوم الأول قياسا على اليوم الأول فلو تقدم عليه أجزأه قاله أصبغ‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ الذبح في اليوم الأول أفضل للسنة، والمبادرة إلى الطاعة‏.‏ قال محمد‏:‏ ولا يراعى في اليومين ذبح الإمام، بل يجوز بعد الفجر‏.‏ قال مالك‏:‏ وكره في اليوم الأول بعد الزوال إلى غروب الشمس، وكذلك الثاني فإن زالت الشمس أخر إلى الثالث لشبه الأضحية بالصلاة من جهة ارتباطها بها، والصلاة لا تفعل بعد الزوال، وقيل‏:‏ الأول كله أفضل من الثاني والثاني كله أفضل من الثالث تعجيلا للقربة، والأول هو المعروف قال‏:‏ قال عبد الوهاب‏:‏ إذا لم يخرج الإمام أضحيته تحروا ذبحه، فإن تبين خطؤهم أجزأهم كالقبلة‏.‏ قال محمد‏:‏ ولو ذبح رجل قبل ذبح الإمام في منزله في وقت لو ذبح الإمام في المصلى لكان قبله أجزأه، وروي عن مالك فيمن لا إمام لهم يتحرون أقرب الأئمة إليهم، فيخطئون لا يجزئهم‏.‏ قال محمد‏:‏ إذا ذبح أهل المسافر عنه راعوا إمامهم دون إمام بلد السفر، ولا يراعى الإمام في الهدي‏.‏ قال اللخمي‏:‏ إذا لم يبرز الإمام أضحيته، فذبح رجل قبله لم يجزه إلا أن يتوانى الإمام، وكذلك إذا لم يذبح الإمام بالمصلى قاله أبو مصعب، وهو أحسن، وقال محمد‏:‏ لا يجزئ لفوات الشرط‏.‏

والإمام المعتبر هو الخليفة المعتبر شرعا، ومن أقامه، وأما السلطان يملك بالقهر، فلا يعتبر هو ولا نوابه، والناس معه كأهل البوادي الذين لا إمام لهم، والخلاف في الذبح ليلا إنما هو فيما عدا ليلة اليوم الأول‏.‏

النظر الرابع‏:‏ في أحكامها

وهي قسمان‏:‏ قبل الذبح، وبعده‏.‏

القسم الأول‏:‏ قبل الذبح، وهو سبعة أحكام‏:‏ الحكم الأول‏:‏ تعيينها، ففي الجواهر‏:‏ إذا قال‏:‏ جعلت هذه أضحيتي تعينت، وقاله ‏(‏ش‏)‏، وابن حنبل قياسا على تعيين العبد للعتق، والدار للحبس‏.‏ قال مالك‏:‏ في العتبية إذا سمي أضحيته، فلا يجزها؛ لأنه ينقصها‏.‏ قال صاحب البيان‏:‏ لا تجب عند مالك بالتسمية، وقال القاضي إسماعيل‏:‏ إذا قال‏:‏ أوجبتها أضحية تعينت قال‏:‏ وهو بعيد، ولا تتعين عند مالك إلا بالذبح، ثم قال في المقدمات‏:‏ وقد وقع في العتبية أنها تجب بالتسمية إذا قال‏:‏ هذه أضحيتي بعد أن حمله في البيان‏:‏ على الاستحباب‏.‏ قال أبو الطاهر‏:‏ وحمل بعض المتأخرين قول ابن القاسم في الكتاب بالتأثيم إذا أخر الأضحية بعد أيام النحر على أنها تجب بالشراء بالأصالة، وإنما تجب بالشراء إذا قصد شراءها لذلك، وقال بعض البغداديين‏:‏ إذا قال‏:‏ هذه أضحيتي وجبت، ولا يجوز أبدا لها، فيتلخص لتعيين الأضحية خمسة أسباب‏:‏ النذر، والذبح، والإيجاب، والتسمية، والشراء، والمشهور أنها لا تتعين إلا بالأولين، وفي الكتاب‏:‏ له إبدال أضحيته، ولا يبدلها إلا بخير منها، ولا يستفضل من ثمنها شيئا، وإن ضلت، ثم وجدها بعد أيام النحر ذبحها إلا أن يكون ضحى ببدلها، ويصنع بها ما شاء، وكذلك إن وجدها بعد أيام النحر، وإن لم يضح، ولو حبسها حتى خرجت أيام النحر‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ قال القاضي إسماعيل‏:‏ إنما تعينت الهدايا؛ لأن التقليد، والإشعار فعل قربة، فلا يجوز إبطاله، والضحايا لم يوجد فيها إلا مجرد النية‏.‏

الحكم الثاني‏:‏ الاشتراك فيها، وفي الكتاب‏:‏ لا يشترك فيها إلا أن يذبحها عن نفسه، وأهل بيته، وإن زادوا على السبعة؛ لأنها شركة في الثواب دون اللحم، ولقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏على كل أهل بيت أضحية، أو عتيرة‏)‏ والعتيرة شاة كانت تذبح في رجب، ثم نسخت، والأفضل أن يضحي عن كل واحد شاة، وليس عليه أن يضحي عن زوجته بخلاف النفقة؛ لأنها قربة، وهو لا يتوجه عليه التقرب عن زوجته، والفرق بينها وبين زكاة الفطر أن زكاة الفطر متعلقة بالأبدان، فأشبهت النفقة، وأجاز الأئمة البقرة عن سبع، والبدنة عن سبع‏.‏ قال صاحب البيان‏:‏ روى ابن وهب عن مالك الاشتراك في هدي التطوع، ويلزم ذلك في الأضاحي على القول بعدم وجوبها، وتحصيل الخلاف في المسألة‏:‏ أن في جواز الاشتراك قولين، وإذا قلنا به‏:‏ فثلاثة أقوال‏:‏ يجوز في الشاة، والبدنة، والبقرة لأكثر من سبعة‏.‏ يشترك سبعة فأكثر في البدنة، والبقرة فقط يشترك عشرة في البدنة، وسبعة في البقرة، وإذا قلنا‏:‏ لا يجوز الاشتراك، فثلاثة أقوال‏:‏ المنع مطلقا، المنع فيمن عدا أهل بيته الثالث‏:‏ له ذبحها عنه، وعمن سواه، وإن كانوا أهل بيت شتى‏.‏ المشهور‏:‏ القياس على الرقبة في العتق، وعلى الشاة، ولأن كل واحد منهما مأمور بما يسمى أضحية، وجزءها لا يسمى كذلك، فلم يأت بالمأمور به، فلا تجزئه، وأما قول جابر‏:‏ نحرنا عام الحديبية البدنة عن سبع، والبقرة عن سبع فمحمول على أن الذبائح كانت من عنده عليه السلام، وأمته عياله، فلذلك جاز ذلك، وقد قال رجل لعلي رضي الله عنه‏:‏ اشتريت بقرة لأضحي بها، فولدت، فما ترى فيها، وفي ولدها، فقال لا تحلبها إلا فضلا عن ولدها، واذبحها وولدها يوم النحر عن سبع من أهلك، فكذلك هذه الأحاديث محمولة على الأهل، وما يشبه الأهل، وليس في تصريح بالأجانب، بل ذكر العدد، والسكوت عن المعدود فلا حجة فيها علينا، ونحن متمسكون بالقواعد، والقياس‏.‏ قال اللخمي‏:‏ الأضحية عن الغير خمسة أقسام‏:‏ القريب اللازم النفقة فعليه أن يضحي عنه إما بشاة شاة، أو عن الجميع بشاة، أو يدخل البعض في أضحيته، وعن الباقي بشاة الثاني‏:‏ القريب المتطوع بنفقته كالأبوين مع اليسار، والإخوة، وابن الأخ، وابن العم، فليس عليه التضحية عنهم، وله ذلك عن الأقسام المتقدمة، وإذا فعل أسقط الأضحية عن المنفق عليهم، وإن كان مخاطبا بها لليسارة، والثالث‏:‏ الأجنبي المتطوع بنفقته إن كان أشركه فيها لم تجز واحداً منها الرابع‏:‏ الأجنبي الواجب النفقة كالأجير بطعامه هو كالثالث إلا الزوجة، فله إدخالها لما شملها اسم الأهل، وقد قال عليه السلام‏:‏ ‏(‏اللهم هذا عن محمد وآل محمد‏)‏ والآل الأهل‏.‏

الخامس‏:‏ الأجنبي لا ينفق عليه، ولا يشركه، وفي الكتاب‏:‏ استحب مالك حديث ابن عمر لمن قدر دون حديث أبي أيوب الأنصاري‏.‏ وفي النكت حديث ابن عمر أنه كان لا يضحي عمن في البطن يريد‏:‏ وأما من كان في غير البطن، فيضحي عن كل نفس بشاة، وحديث أبي أيوب ذكر فيه كنا نضحي بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه، وعن أهل بيته، ثم تباهى الناس، فصارت مباهاة‏.‏

الحكم الثالث‏:‏ نسلها، وغلتها، وفي الكتاب‏:‏ إذا ولدت، فحسن ذبح ولدها معها من غير وجوب، وقاله ‏(‏ش‏)‏‏.‏ قال ابن القاسم‏:‏ ثم أمرني أن أمحو من غير وجوب، وأنا أرى ذلك غير واجب‏.‏ قال اللخمي‏:‏ إن خرج بعد الذبح حيا، فهو كأمه، فإن ولدته قبل الذبح‏.‏ قال أشهب‏:‏ لا تجوز التضحية به؛ لأنه دون السن، وهي لا تتعين إلا بالذبح بخلاف المدبرة، وغيرها من الرقيق، وبخلاف الهدي، وإن بعد زمان الولادة عن الذبح لم يذبح، واختلفوا في لبنها‏.‏ قال ابن القاسم في الكتاب‏:‏ إن لم يشربه ولدها، وأضر بها تصدق به، وقال أشهب‏:‏ يصنع به ما شاء، والصوف بعد الذبح كاللحم، وفي الكتاب‏:‏ ليس له جزه قبل الذبح؛ لأنه جمال لها، فإن جزه‏.‏ قال ابن القاسم‏:‏ لا يبيعه خلافا لأشهب‏.‏

الحكم الرابع‏:‏ التعدي عليها، وفي الجواهر‏:‏ إن غصبت فليشتر بقيمتها أخرى توفيه بالقربة، وقيل‏:‏ يصنع بالقيمة ما شاء، ولذلك لو لم تف القيمة بشاة تصدق بها به، أو صرفه فيما شاء على الخلاف المتقدم‏.‏

الحكم الخامس‏:‏ موته قبلها‏.‏

ففي الجواهر‏:‏ ورثت عنه، واستحب ابن القاسم ذبح الورثة لها عنه تنفيذا لما قصد من القربة، ولم يره أشهب؛ لانتفاء ملكه، وانقضاء تقربه بعد الموت‏.‏

الحكم السادس‏:‏ مباشرة ذبحها، وفي الكتاب‏:‏ إذا ذبحها ولدك، أو بعض عيالك ممن فعله ليكفيك مؤنتها بغير أمرك أجزأ، وأما غيره فلا، ويضمن القيمة‏.‏ قال اللخمي‏:‏ تستحب مباشرة الأضحية اقتداء به عليه السلام، وإلا وكل من له دين، فقد كان الناس يتخيرون لضحاياهم أهل الدين؛ لأنهم أولى بالتقرب، فإن وكل تارك الصلاة استحب له الإعادة للخلاف في حل ذكاته، أو كتابيا ففي الكتاب‏:‏ لا يجزئه؛ لأنه ليس من أهل القربة، ولقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏لن أستعين بمشرك‏)‏ وجوزه أشهب، و‏(‏ح‏)‏، وابن حنبل على كراهة؛ لأنه من أهل الذكاة، والقربة لا تفتقر إلى نية التقرب من الذابح، بل نية الذبح، ونية التقرب من المالك، ولو وكله أن يوكل مسلما ففعل ونوى الذابح القربة أجزأه، وفي الجواهر‏:‏ إذا صحت استنابة الكتابي، فلينو المضحي عن نفسه‏.‏ قال اللخمي‏:‏ واذا ذبح بغير وكالة من لا شأنه القيام بأمر الذابح خير بين تضمينه القيمة وأخذها وما نقصها الذبح، وقال أشهب‏:‏ لا يجزئ الذبح بغير وكالة، ولو كان ولدا، فقاسها ابن القاسم على العتق عن الغير بطريق الأولى؛ لأن المعتق عنه لم ينو التقرب، ولأنه عليه السلام نحر عن أهله البقر من غير وكالة وقاسها أشهب على أصله في العتق عن الغير أنه لا يجزئ، وفي الجواهر‏:‏ إن وكل بالتضحية والنية جاز‏.‏

فرع‏:‏

قال اللخمي‏:‏ لو ذبح كل واحد منهما أضحية صاحبه خطأ، ففي الكتاب‏:‏ لا تجزئ صاحبها، ولا الذابح عند ابن القاسم، وقال أشهب‏:‏ تجزئ الذابح إذا ضمن تنزيلا للقيمة منزلة الثمن في الشراء، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ تجزئ كل واحد منهما كالوكيل، ولا ضمان؛ لأن كل واحد منهما كالوكيل‏.‏

فرع‏:‏

لو نوى الوكيل عن نفسه أجزأت صاحبها، وقد اشترى ابن عمر رضي الله عنهما شاة من راع، فأنزلها من الجبل، وأمره بذبحها، فذبحها الراعي، وقال اللهم تقبل مني، فقال ابن عمر‏:‏ ربك أعلم بمن أنزلها من الجبل، وقال أصبغ‏:‏ لا تجزئه؛ لأن النية المعتبرة ما قاربت الفعل‏.‏

الحكم السابع‏:‏ اختلاطها‏.‏

قال اللخمي‏:‏ قال ابن عبد الحكم‏:‏ إذا اختلطت أخذ كل واحد منهما أضحيته ضحى بها وأجزأه‏.‏

القسم الثاني‏:‏ في أحكامها بعد الذبح، وهي أربعة‏:‏ الحكم الأول‏:‏ في الكتاب‏:‏ لا تبع من الأضحية لحما، ولا جلدا، ولا شعرا، ولا غيره، وقاله الأئمة؛ لأنها صارت قربة لله تعالى، والقربات لا تقبل المعاوضة، وإنما الله تعالى أذن في الانتفاع بها، ولا تنافي بين ملك الانتفاع، ومنع البيع كأعضاء الإنسان له منفعتها دون المعاوضة على أعيانها، وجوز ‏(‏ح‏)‏ إبدال الجلد بما ينتفع به في البيت بعد بقاء عينه دون ما يستهلك؛ لأن البدل يقوم مقام المبدل، فإن عاوض على شيء منها‏.‏ قال اللخمي‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ يتصدق به، وقال سحنون‏:‏ يجعل ذلك في ثمن طعام يأكله، وثمن الجلد في ماعون، أو طعام تنزيلا للبدل منزلة المبدل، وقال أصبغ‏:‏ يصنع به ما شاء؛ لأن هذه العين لم تتعلق بها قربة‏.‏

‏(‏فرع‏)‏

قال أبو الطاهر‏:‏ المشهور منع إجارة جلدها؛ لأنها معاوضة في قربة، وأجازه سحنون؛ لأنه تصرف في المنفعة بعد بقاء الأصل كالاستعمال‏.‏

فرع‏:‏

قال التونسي‏:‏ إن وهب جلدها أو لحمها منع، في كتاب محمد‏:‏ الموهوب له من البيع لتنزيله منزلة الواهب، وقيل‏:‏ له البيع؛ لأنه ليس بمتقرب، وإنما يمنع المتقرب لئلا يجتمع له العوض الذي هو الثمن، والمعوض الذي هو منفعة القربة من الثواب، ولذلك منع بيع سائر العبادات‏.‏

فرع‏:‏

قال صاحب البيان‏:‏ الضأن يوم التروية يوم النحر، فينحر‏.‏ قال ابن القاسم‏:‏ لا يبيع لحمها كمن ذبح قبل الإمام قال‏:‏ وليس هما سواء؛ لأن الثانية تجزئه عند جماعه، والأولى ليس منعها بالبين؛ لأنها ليست بقربة، وإذا باعت امرأته جلد أضحية، أو لحمها تصدق بالثمن إلا أن ينفقوه، فلا شيء عليه إذا لم يرخص لهم فيه أما إذا أرخص تصدق بالثمن، أو بدله إن أنفق، وكذلك إن أنفقوه فيما يلزمه‏.‏

الحكم الثاني‏:‏ اختلاطها بعد الذبح‏.‏ قال اللخمي‏:‏ قال يحيى بن عمر‏:‏ يجزئ ويتصدقون بها، ولا يأكلونها، وقال محمد‏:‏ إذا اختلطت رءوسها عند الشواء كره أكلها لعلك تأكل متاع من لم يأكل متاعك، ولو اختلطت برءوس الشواء لكان خفيفا؛ لأنه ضامن ضمان لحم الأضاحي، وقيل‏:‏ ليس له طلب القيمة فعلى قول محمد تؤكل الشاة؛ لأنه إنما كره لاحتمال كون الآخر لم يأكل‏.‏ قال‏:‏ وهذا استحسان، وعدم أكله لا يمنع؛ لأنه كلقطة طعام لا يتعين، وفي الشواء أشد كراهة؛ لأنه معروف، ويمكن الرد عليه‏.‏

الحكم الثالث‏:‏ ما يصنع بها بعد الذبح‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ قال مالك‏:‏ ليس للتصدق، والأكل حد معلوم لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر‏)‏ ‏(‏الحج‏:‏ 36‏)‏ ولم يحدد، والقانع‏:‏ الفقير، والمعتر‏:‏ الزائد، وقال ‏(‏ح‏)‏، وابن حنبل‏:‏ يأكل الثلث، ويتصدق بالثلث، ويدخر الثلث، لما في مسلم قال عليه السلام‏:‏ ‏(‏إنما كنت نهيتكم لأجل الدافة، فكلوا، وتصدقوا، وادخروا‏)‏ وفي الجلاب‏:‏ يأكل الأقل، ويطعم الأكثر، ولو قيل‏:‏ يأكل الثلث، ويقسم الثلثين كان حسنا‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ ويجوز عدم الأكل؛ لأنه الأصل في القرب، وقال ابن حبيب‏:‏ ينبغي الأكل، والإطعام كما ورد في الآية، وأوجب ‏(‏ش‏)‏، وابن حنبل أكل شيء ما لظاهر الأمر، وهو عندنا محمول على الإذن لقرينته القربة، وقال محمد‏:‏ الصدقة بها كلها أفضل لما في مسلم‏:‏ أمر عليه السلام ثوبان أن يصنع له أضحيته زادا إلى المدينة‏.‏ قال ابن حبيب‏:‏ يستحب أن يكون أول أكله يوم النحر من الأضحية، وقال ابن شهاب‏:‏ من كبدها لقول علي رضي الله عنه في خطبته‏:‏ إن أميركم قد رضي في سنته بقطعة كبد من أضحيته، وكره مالك إطعام الكافر منها، وإن كان جارا، أو مرضعة؛ لأنه ليس من أهل القرب، وقال ابن القاسم‏:‏ إلا أن يكون من العيال، وكان مالك قبل ذلك يخففه، وفي الحديث‏:‏ ‏(‏لا تطعموا المشركين من لحوم ضحاياكم‏)‏‏.‏

الحكم الرابع‏:‏ موته بعد ذبحها‏.‏ قال التونسي‏:‏ لا تباع في دينه ويأكلها الورثة عند ابن القاسم من غير قسمة؛ لأنها وجبت قربة بالذبح، فصارت كالحبُس، وللزوجة، وجميع الورثة فيها حق؛ لأن الميت كذلك قصد، ويستوي الذكر والأنثى إذا استوى الأكل، وقال أشهب‏:‏ تقسم على المواريث، ولا يقضى منها دين، ويرد عليه أن الميراث لا يقدم على الدين‏.‏ قال ابن القاسم‏:‏ وللغريم بيعُها عليه قبل الذبح بخلاف بعده‏.‏ قال‏:‏ وهو مشكل؛ لأنه متعد بالذبح، فأشبه العتق‏.‏

فرع‏:‏

قال مالك‏:‏ الذبيح إسحاق، وقال ابن حبيب وأهل العراق، وأكثر العلماء‏:‏ إسماعيل لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏أنا ابن الذبيحين‏)‏ يعني عليه السلام أباه إسماعيل، وأباه عبد الله؛ لأن جده عبد المطلب نذر إذا بلغ ولده عشرة أن ينحر منهم واحدا، فلما أكملوا عشرة أتى بهم البيت، وضرب عليهم بالقداح ليذبح من خرج قدحه، وكتب اسم كل واحد على قدح، فخرج قدح عبد الله، ففداه بعشرة من الإبل، ثم ضرب عليه وعلى الإبل، فخرج قدحه، ففداه بعشرين إلى أن تمت مائة، فخرج القدح على الجزور، فنحرها، وسن الدية مائة، ولأن الذبح كان بمنى، وإسحاق كان بالشام، ولقوله تعالى بعد قصة الذبيح‏:‏ ‏(‏وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين‏)‏ ‏(‏الصافات‏:‏ 112‏)‏ فدل على أن صاحب القصة غير المبشر به، ولقوله‏:‏ ‏(‏ومن وراء إسحاق يعقوب‏)‏ ‏(‏هود‏:‏ 71‏)‏ قال أئمة اللغة‏:‏ والوراء ولد الولد، ومن المحال أن يبشره بأنه يعقب، ثم يأمره بذبحه، فيعتقد الخليل عليه السلام الذبح، والجواب عن الأول‏:‏ أن العم يسمى أبا، ويدل على هذا المجاز ما روي أن إبراهيم عليه السلام لما بشرته الملائكة بإسحاق عليه السلام نذر ذبحه إذا ولد، فلما بلغ معه السعي -أي العمل والقوة- قيل له‏:‏ أوف بنذرك، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ أن إبراهيم عليه السلام قال لإسحاق عليه السلام‏:‏ يا بني، اذهب بنا نتقرب إلى الله تعالى قربانا، فذهبا، فأخبره أنه هو القربان، والقصة طويلة في المقدمات في الأضاحي، وعن الثاني‏:‏ أنه قد قيل‏:‏ كان الذبح بالمقدس، أو لأن الخليل كان يركب البراق إلى الحجاز كما ورد، فلعله جاء معه في يومه، وعن الثالث‏:‏ أن المراد، وبشرناه بنبوة إسحاق لصبره على المحنة كما تقول‏:‏ بشرتك بولدك قادما أي بقدومه؛ لأن البشارة بالوجود، فالقصة واحدة، ولم يخرج منها بعد، وعن الرابع‏:‏ أن لفظ الولد مشترك بين ولد الولد، والجهة المضادة للأمام، فاللفظ يصلح للأمرين على حد السواء، فلا يدل على أحدهما‏.‏

كتاب العقيقة

قال أبو عبيدة‏:‏ العقيقة الشعر الذي يكون على رأس المولود كأن بقاءه عقوق في حق الجنين، وكذلك في الحديث‏:‏ ‏(‏أميطوا عنه الأذى‏)‏ فسميت الشاة عقيقة؛ لأنها تذبح عند حلقه، وقال ابن حنبل‏:‏ العقيقة الذبح نفسه؛ لأنه قطع الأوداج وغيرها، ولذلك سمي قطع الرحم عقوقا، فالذبيحة عقيقة فعيلة بمعنى مفعولة أي مقطوعة كرهينة بمعنى مرهونة، والعقيقة في الإسلام للمولود‏.‏ قال مالك‏:‏ كما يعمله أهل الكتاب لدخول صبيانهم في أديانهم كماء المعمودية وغيرها‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ وهي سنة ليست بواجبة، وقاله ‏(‏ش‏)‏، وابن حنبل، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ بدعة، وفي النسائي قال عليه السلام‏:‏ ‏(‏كل غلام رهين بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق رأسه، ويسمى‏)‏ وقال عليه السلام‏:‏ ‏(‏من ولد له مولود فأحب أن ينسك عنه فليفعل‏)‏ فالأول يدل على الطلب، وتعليقها على الاختيار في الثاني يدل على عدم الوجوب، فيتعين الندب‏.‏

ومن ولد له ولدان في بطن واحد، فشاتان، ولا يشترك فيها كالأضحية، والذكر والأنثى سواء شاة، وقال ‏(‏ش‏)‏ و‏(‏ح‏)‏‏:‏ للغلام شاتان لما في أبي داود قال عليه السلام‏:‏ ‏(‏عن الغلام شاتان متكافئتان، وعن الجارية شاة‏)‏ ولأن النعمة في الغلام أتم، فيكون الشكر أعلى، والجواب عن الأول‏:‏ المعارضة بما في أبي داود‏:‏ أنه عليه السلام عق عن الحسن كبشا، وعن الحسين كبشا قال‏:‏ وهو صحيح، وعن الثاني‏:‏ أنها قربة، فيستويان فيها كالأضحية‏.‏ قال مالك‏:‏ وهي جنسها جنس الأضاحي‏:‏ الغنم، والبقر، والإبل، وقال محمد‏:‏ لا يعق إلا بجذع الضأن، وثني المعز؛ لأنه السنة‏.‏ قال ابن حبيب‏:‏ وهي كالأضحية في سلامتها من العيوب، وسنها ومنع بيع شيء منها، وتكسر عظام العقيقة خلافا لابن حنبل مخالفة للجاهلية، فإنهم كانوا يفصلونها من المفاصل تفاؤلا بسلامة المولود من الكسر، والاستعاذة بما لم يجعله الشرع عوذة ممنوع، ولذلك نهى الشرع عن شد الأوتار على الخيل والركاب‏.‏ قال مالك‏:‏ أراه من العين، قال عبد الوهاب‏:‏ الكسر مباح ليس بمستحب‏.‏ قال مالك‏:‏ وليس على الناس حلق رأس المولود، والتصدق بوزن شعره ورقا أو ذهبا، ويجوز فعله، واستحسنه ‏(‏ش‏)‏، وفي الجواهر‏:‏ كرهه مالك مرة وأجازه أخرى، وفي الترمذي‏:‏ عق عليه السلام بشاة عن الحسن، وقال‏:‏ ‏(‏يا فاطمةُ احلقي رأسه، وتصدقي بزنة شعره فضة قال‏:‏ فوزناه، فكان وزنه درهما، أو بعض الدرهم‏)‏‏.‏

ويستحب أن يلطخ رأس المولود بزعفران عوضا من الدم الذي كانت الجاهلية تفعله على رأسه من العقيقة، وفي أبي داود‏:‏ ‏(‏كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة، ولطخ رأسه بدمها فلما جاء الإسلام كنا نذبح شاة، ونحلق رأسه، ونلطخه بزعفران‏)‏ وقاله ‏(‏ش‏)‏، وابن حنبل‏.‏ قال مالك‏:‏ ولا يسمى إلا في اليوم السابع للحديث المتقدم، ومن فاته أن يعق عنه في الأسبوع الأول فلا يعق بعده، وقيل‏:‏ يعق في الأسبوع الثاني فإن فاته، ففي الثالث، وقاله ابن حنبل، فإن فاته ففي الرابع، وهو مروي عن مالك، وأهل العراق يعقون عن الكبير، ففي أبي داود أنه عليه السلام عق عن نفسه بعد النبوة، ولظاهر قوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏كل غلام رهين بعقيقته‏)‏ الحديث المتقدم، وظاهره أنه لا يزال مرتهنا حتى يعق عنه، وهو معارض بالقياس على فوات زمان الأضحية، ‏(‏وفي الجواهر‏:‏ روى ابن وهب أن الأسابيع الثلاثة كالأيام الثلاثة للأضحية‏)‏ يعق فيها، ولا تتعدى، وفي مختصر الوقار‏:‏ إن فات الأول ففي الثاني ولا يتعدى‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ وقال ابن حنبل‏:‏ يجوز تقديمها على السابع كتقديم الكفارة على الحنث، والزكاة على الحول، وجوابه‏:‏ أن اليمين والنصاب سببان، والحنث والحول شرطان، وتقديم الحكم على شرطه إذا تقدم سببه يجوز، والسابع هاهنا سبب كيوم النحر للأضحية، والتقديم عليه كالتقديم على اليمين وملك النصاب، ولم يقل به أحد‏.‏

وفي الجواهر‏:‏ تذبح ضحى كالضحايا، ورواه محمد، وقال ابن حبيب‏:‏ لا تذبح سحرا ولا عشاء، بل من الضحى إلى الزوال‏.‏ قال صاحب البيان‏:‏ قال عبد الملك‏:‏ تجزئ بعد الفجر قال‏:‏ وهو الأظهر لعدم ارتباطها بالصلاة، فقياسها على الهدايا أولى من الضحايا‏.‏

وفي وقت حساب السابع أربعة أقوال‏:‏ سبعة أيام بليالها يبتدأ من غروب الشمس، ويلغى ما قبل ذلك من ليل أو نهار، وقاله عبد الملك، وقال ابن القاسم، ورواه في الكتاب‏:‏ إن ولد بعد الفجر ألغي ذلك اليوم أو قبله حسب، وكان مالك يقول‏:‏ إن ولد قبل الزوال حسب أو بعده ألغي، وقال ابن أبي سلمة‏:‏ يحسب ولو كان قبل الغروب، ويكمل السابع إلى مثل تلك الساعة‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ قال مالك‏:‏ ويعمل طعاما ويدعو إليه‏.‏ قال اللخمي‏:‏ قال مالك، وابن القاسم‏:‏ لا يعجبني جعلها صنيعا يدعو إليه‏.‏ وفي الجواهر‏:‏ الإطعام كالأضحية أفضل من الدعوة‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ من مات ولده قبل السابع فلا عقيقة عليه، ولا تسمية لفوات السبب‏.‏ قال ابن حبيب‏:‏ يسمى، وكذلك السقط، وفي الحديث يقول السقط يوم القيامة‏:‏ تركتني بلا اسم، فلم يعرفه‏.‏ قال اللخمي‏:‏ من لا يعق عنه لا بأس أن يسمى يوم يولد وقد أتي عليه السلام بعبد الله بن أبي طلحة يوم ولد، فحنكه بتمرة، وسماه عبد الله‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ فإن كان سابعه يوم الأضحى‏.‏ قال مالك‏:‏ يعق بها‏.‏ قال ابن حبيب‏:‏ إلا أن يكون آخر أيام منى، فليضح؛ لأن الضحية إما واجبة وإما سنة على الخلاف، والعقيقة إما سنة مستحبة أو بدعة على الخلاف‏.‏

فرع‏:‏

قال صاحب القبس‏:‏ قال شيخنا أبو بكر الفهري‏:‏ إذا ذبح أضحيته للأضحية والعقيقة لا تجزئه، فلو طعمها وليمة للعرس أجزأه، والفرق أن المقصود في الأولين إراقة الدم، وإراقة لا تجزئ عن إراقتين، والمقصود من الوليمة الإطعام، وهو غير مناف للإراقة، فأمكن الجمع‏.‏

فصل ‏[‏في الختان‏]‏

قال ابن يونس‏:‏ الختان سنة مؤكدة في الذكور والإناث، وقال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ فرض‏.‏ لنا‏:‏ القياس على قص الظفر، وسائر تحسينات البدن، ويدل على طلبه قوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏عشر من الفطرة‏)‏ فذكر‏:‏ الختان، والفطرة هي السنة، وأول من اختتن الخليل عليه السلام من مائة وعشرين سنة، وعاش بعدها عشرين سنة، واختتن إسماعيل عليه السلام ابن ثلاث عشرة سنة، واختتن إسحاق عليه السلام ابن سبعة أيام، وكرهه مالك يوم الولادة، ويوم السابع؛ لأنه من فعل اليهود قال‏:‏ وحد الختان الأمر بالصلاة من سبع سنين إلى عشر‏.‏ قال ابن حبيب‏:‏ الختان سنة للرجال مكرمة للنساء، وأصله في النساء أن هاجر كانت أمة لسارة رضي الله عنها، فوهبتها للخليل عليه السلام، ثم غارت منها، فحلفت لتقطعن منها ثلاث أشراق، فأمرها أن تثقب أذنيها، وتخفضها، وقال عليه السلام لأم عطية، وكانت تخفض النساء‏:‏ ‏(‏يا أم عطية‏:‏ أشمي، ولا تنهكي، فإن ذلك أسر للوجه، وأحظى عند الزوج‏)‏ يعني‏:‏ لا تبالغي في القطع، فإنه أحسن للوجه، وللجماع، والشأن عدم الطعام في ذلك، والستر، وأما ختن الرجل، فكانوا يدعون إليه، وأمر عليه السلام بالدعاء إليه، فقال‏:‏ ‏(‏لا وليمة إلا في خرس، أو عرس، أو إعذار‏)‏ فالعرس‏:‏ البناء بالزوجة، والخرس‏:‏ نفاسها والإعذار‏:‏ الختان، كما أن العتيرة طعام يبعث به لأهل الميت، والنقيعة‏:‏ طعام يعمل ليصلح بين الناس، والقدوم من السفر، والوكيرة‏:‏ ما عمل لبناء الدار، ونحوها، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يدعو إليه‏.‏

كتاب الصيد

قال اللخمي‏:‏ وهو خمسة أقسام‏:‏ مباح للمعاش حالة الاختبار، ومندوب لسد الخلة، والتوسعة على العيال، وواجب لإحياء النفس عند الضرورة‏:‏ نفس الصائد، أو غيره، ومكروه للهو عند مالك مباح عند ابن عبد الحكم، ومحرم بغير نية الذكاة عبثا لنهيه عليه السلام عن تعذيب الحيوان لغير مأكلة، أو ما أدى لترك الصلاة ونحوه‏.‏

ويتهذب، فقه الباب بالنظر في الصائد، والمصيد به، والصيد، وفعل الصائد‏.‏ فهذه أربعة فصول‏.‏

الفصل الأول‏:‏ في الصائد

وفي الجواهر‏:‏ هو المسلم الذكر البالغ، والمشهور أن المرأة، والمميز كالبالغ، وكرهه أبو مصعب لما تقدم في الذبائح، وفي الكتاب‏:‏ أقوال‏:‏ ثالثها‏:‏ الكراهة، ويمكن حمل المنع الذي في الكتاب عليه، وبالإباحة قال ابن حنبل؛ لأنه من أهل الذكاة‏.‏ حجة المنع قوله تعالى‏:‏ ‏(‏وليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم‏)‏ ‏(‏المائدة‏:‏ 94‏)‏ فظاهر الإضافة يقتضي الاختصاص، ويرد عليه منع اختصاص الخطاب بالمسلمين؛ لأن أصل خطاب الله تعالى للعموم في الكفار، وغيرهم، سلمناه لكن هذه الآية قد قيل‏:‏ إنها تقتضي المنع؛ لأنها خطاب مع المحرمين، وهو محرم عليهم، سلمنا عدم ذلك لكن قوله تعالى‏:‏ ‏(‏قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين‏)‏ ‏(‏المائدة‏:‏ 4‏)‏ عام في الخلق، ولا يؤكل صيد المجوسي، والمراد في ذلك ما مات بالاصطياد لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم‏)‏ ‏(‏المائدة‏:‏ 5‏)‏ مفهومه‏:‏ تحريم طعام من لا كتاب له، وهم المجوس، وفي الكتاب‏:‏ إذا أرسل مسلم، ومجوسي كلبا لمسلم لم يؤكل الصيد، أو مسلم كلب مجوسي أكل؛ لأن المعتبر الصائد دون الآلة‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ وإذا رمى مسلم، ومجوسي سهميهما لم يؤكل إلا أن يوقن إنفاذ سهم المسلم مقاتله دون سهم المجوسي، وقاله ‏(‏ش‏)‏‏.‏ قال ابن حبيب‏:‏ إن أنفذ سهم المسلم المقتل، ووقع سهم المجوسي في أطرافه قسم بينهما قال عبد الوهاب‏:‏ فإن قال المجوسي‏:‏ أنا لا آكل ذبيحة المسلم بيع، وقسم ثمنه إلا أن يكون بموضع لا ثمن له، فختص به المسلم نفيا للضرر عنه، والإسلام يعلو، ولا يعلى عليه‏.‏ قال محمد‏:‏ ولا يؤكل صيد السكران، ولا المجنون لعدم النية، ولا ذبيحة الأعجمي الذي لا يعقل الصلاة كالمجوسي، وفي الكتاب‏:‏ لا يؤكل صيد المرتد؛ لأنه لا يقر على دينه، فهو أسوأ حالا من المجوسي‏.‏

الفصل الثاني‏:‏ في المصيد به

وهو كل حيوان معلم، وقاله ‏(‏ش‏)‏، و‏(‏ح‏)‏ لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليها، فكل مما أمسكن عليك، وإن قتلن، وإن أكلن، فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه‏)‏ في الصحيحين، فاشترط التعليم ليكون كالآلة للصائد لئلا يمسك على نفسه، فيصير ميتة، أو سلاح محدود رفقا بالحيوان لما في مسلم أنه سأله عليه السلام عدي بن حاتم عن المعراض، فقال‏:‏ ‏(‏إن أصابه بحده فكل، وإن أصابه بعرضه، فلا تأكل، فإنه وقيذ‏)‏ وقال لأبي ثعلبة‏:‏ ‏(‏ما أصبت بقوسك فاذكر اسم الله وكل‏)‏ وفي الكتاب‏:‏ المعلم من الحيوان هو الذي إذا زجر انزجر، وإذا أرسل أطاع، والسلالقة، وغيرها سواء‏.‏ قال أبو الطاهر‏:‏ في صفة التعليم أربعة أقوال‏:‏ ما في الكتاب، والثاني‏:‏ إذا دعي أجاب من الكلاب، ولا يشترط في الطير الانزجار الثالث‏:‏ التسوية لابن القاسم، وغيره في اشتراط الثلاثة الأوصاف الرابع‏:‏ الانزجار ليس شرطا لقوله في الكتاب‏:‏ إذا أدرك الصيد ينهش، وفات قبل ذكاته أكل‏.‏ قال‏:‏ هذه حكاية اللخمي، وهو ليس بخلاف، وإنما يقال‏:‏ كل ما يمكن من التعليم، فهو مشترط، والمقصود انتقال الجارح عن طبعه حتى يصير للصائد كالآلة المستعملة قال صاحب الإكمال‏:‏ مذهب مالك، وأحد قولي ‏(‏ش‏)‏ إذا أكل الكلب من الصيد يؤكل، ومذهب ‏(‏ح‏)‏، وابن حنبل، وأحد القولين عندنا لا يؤكل بخلاف البازي عندنا، وعندهم للحديث السابق، ولقوله تعالى‏:‏ ‏(‏مما أمسكن عليكم‏)‏ ‏(‏المائدة‏:‏ 4‏)‏ وهو إنما أمسك على نفسه، والجواب عن الأول قوله عليه السلام في أبي داود‏:‏ ‏(‏إن أكل فكل‏)‏ فيجمع بينهما بجعل النهي على الكراهة، وعن الثاني‏:‏ أن الآية إنما أشارت إلى منع الأكل بغير إرسال قال المازري‏:‏ قد أنكر على الفقهاء إطلاقهم الأشلاء على الإرسال، وإنما هو الدعاء، ولعل الفقهاء استعملوه مجازاً؛ لأن الدعاء قبل الإرسال، وسببه، فيكون من مجاز إطلاق التسبب على السبب، ولا يكون الحيوان معلما بمطاوعته مرة، ولا غير معلم بمعصيته مرة، بل ذلك راجع إلى شهادة العادة دون تحديد عند مالك، وحدد ‏(‏ح‏)‏ بترك الكلب للأكل ثلاث مرات؛ لأنه مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولأن الثلاثة معتبرة في موارد عدة من الشريعة في الخيار، والهجران، والإحراد، وجوابه‏:‏ أن هذا قد لا يوجب الوثوق بتعليم الحيوان، واستثنى ابن حنبل الكلب الأسود، وخصص ابن عمر رضي الله عنهما الحيوان المصيد به بالكلاب لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏مكلبين‏)‏ ورآه مأخوذا من الكلب، وجوابه‏:‏ أنه مأخوذ من الكلب بتحريك اللام الذي هو الحرص؛ لأن المعلم يزداد حرصه بالزجر، وقيل‏:‏ التكليب التسليط، وقيل‏:‏ التعليم‏.‏ سلمنا أنه من الكلب لكن السباع كلاب لقوله عليه السلام في عتبة بن أبي لهب‏:‏ ‏(‏اللهم سلط عليه كلبا من كلابك‏)‏ فافترسه الأسد‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ الفهد، وجميع السباع إذا علمت كالكلب إلا النمس؛ لأنه لا يفقه التعليم‏.‏ قال اللخمي‏:‏ الصيد ذكاته بتسعة شروط‏:‏ ثلاثة في الجارح‏:‏ التعليم، والإرسال، وعدم الرجوع، وثلاثة في المصيد‏:‏ العجز عنه، ورؤية الجوارح له احترازا من الغيضة، أو يموت من الجزع لا من الصدوم، وثلاثة في المرسل‏:‏ صحة ذكاته، وإسلامه، وعدم رجوعه عن الطلب‏.‏

فائدة‏:‏ الجوارح جمع جارحة، وقيل‏:‏ مأخوذ من الجرح بضم الجيم، وقيل‏:‏ من الجرح بفتحها، وهو الكسب لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏ويعلم ما جرحتم بالنهار‏)‏ ‏(‏الأنعام‏:‏ 60‏)‏‏.‏

تمهيد‏:‏ المطلوب في الحيوان القصد إلى استخراج الدم الحرام من اللحم الحلال بأسهل الطرق عليه إن أمكن بآلة تصلح لذلك، وهذا كله متيسر في الإنسي، ويتعذر في الوحشي استخراج الدم، وسهولة الطريق، وبقي القصد، والآلة، ونزل السهم منزلة المدية لضرورة النفار، والتوحش، فهو في المرتبة الثانية، ويليه في المرتبة الثالثة الجارح؛ لأن له اختيارا يبعد به عن كونه آلة لكن عدم العقل فيه مخل باختياره، فسقط اعتباره، ولذلك لا يصح أن يكون المجوسي آلة لعقله، وكمال اختياره، وفي الكتاب‏:‏ إذا شارك المعلم غير المعلم، أو كلب غير مرسل لا يؤكل إلا أن تعلم ذكاة المعلم، أو المرسل دون غيره لعدم تيقن السبب المبيح، فإن أرسل جماعة كلابا، وتوافقت جميعا أكل، وهو لهم، وإن اختص كلب أحدهم بقتله اختص به‏.‏ قال محمد‏:‏ ولو أرسل كلبا بعد كلب، فقتلاه، أو أحدهما أكل‏.‏ قال أصبغ‏:‏ ما لم يكن إرسال الثاني بعد أخذ الأول له، فقتله الثاني أو شاركه؛ لأنه صار مقدورا عليه‏.‏ قال اللخمي‏:‏ قال ابن شعبان‏:‏ لو كان لواحد جارح، وللآخر اثنان اقتسما الصيد نصفين، أو جارح واحد ملكهما فيه مختلف الأجزاء فكذلك، والمعروف من المذهب لمالك، وأصحابه أنه على قدر الأجزاء، فكذلك العبد، والبازي في ذلك سواء، وأنكر المازري على اللخمي أن أصل المذهب القسمة على عدد الكلاب، بل قال‏:‏ المذهب إلغاء تفاوت العدد، والأجزاء‏.‏

نظائر‏:‏ قال العبدي‏:‏ ستة مسائل تختص بالرءوس دون الأنصباء‏:‏ الصيد لا تعتبر فيه كثرة الكلاب، وأجرة القاسم، وكنس المراحض، وحراسة أعدال المتاع، وبيوت الغلات، وأجرة السقي على المشهور، وحراسة الدابة، وأربعة مسائل تعتبر فيها الأنصباء‏:‏ الشفعة، وزكاة الفطر عن العبد المشترك، والتقويم في العتق، وكنس السواقي‏.‏

فرع‏:‏

قال المازري‏:‏ فلو غصب كلبا، أو بازيا، فصاد بهما، فقيل‏:‏ الصيد للغاصب؛ لأن الكلب لو انفرد به لكان ميتة، فالمعتبر إنما هو الصائد لقصده، وتسميته، فيكون له، وقيل‏:‏ لصاحب الجارح؛ لأنه المباشر للممسك بقصده، وقوته، والصائد متسبب، فيقدم المباشر على المتسبب كما في القصاص، وهو لا يقبل الملك، فيكون لربه، ولو غصب سلاحا، فللغاصب؛ لأن السلاح لا قصد له، وفي الكتاب‏:‏ المصيد بحجر، أو بندق لا يؤكل، ولو بلغ مقاتله؛ لأنه رض، وكذلك المعراض إذا أصاب بعرضه، وقاله ‏(‏ح‏)‏، و‏(‏ش‏)‏، وكل ما جرح بحده أكل كان عودا، أو عصا، أو رمحا، والمعراض خشبة في رأسها زج قال صاحب الإكمال‏:‏ وقيل‏:‏ سهم طويل له أربع قذذ رقاق إذا رمي به اعترض، وقال الخليل‏:‏ هو سهم دون ريش، وقيل‏:‏ عود رقيق الطرفين غليظ الوسط، والخذف لا يباح الرمي به؛ لأن مصيده وقيذ كالبندقية، وعند الجمهور لا يؤكل ما أصاب المعراض بعرضه خلافا لأهل الشام، ولا مصيد البندقية خلافا لـ ‏(‏ش‏)‏، وجماعة، فظاهر كلامه تحريم الرمي بالبندق ابتداء، وإن ذكي مرميه، وبه قال ‏(‏ش‏)‏ خلافا لابن حنبل، ولا ينبغي خلاف في إباحة الرمي به السباع الصوائل، والعدو المحارب، وفي الكتاب‏:‏ ما قتلت الحبالة، وهي الشرك لا يؤكل إلا ما ذكي، ولو كانت فيه حديدة أنفذت مقاتله لعدم التسمية عند القتل، وقاله ‏(‏ش‏)‏ خلافا لابن حنبل‏.‏ قال اللخمي‏:‏ ولا يؤكل مصيد السهم المسموم؛ لأن موته قد يكون بالسم دون السهم، ولأن أكله قد يهلك‏.‏

فرع‏:‏

قال صاحب البيان‏:‏ موضع ناب الكلب يؤكل عندنا؛ لأنه طاهر، وقال ‏(‏ش‏)‏ في أحد قوليه، وابن حنبل‏:‏ يغسل سبعا لنجاسة، ويقطع موضع اللعاب‏.‏

فرع‏:‏

قال اللخمي‏:‏ قال مالك‏:‏ من عمل الناس اتخاذ أبرجة الحمام، وإن عمرت من حمام الناس قال‏:‏ وهذا إذا لم يحدث الثاني بقرب الأول؛ لأنه ضرر‏.‏ قال‏:‏ وإذا دخل حمام برج على آخر، فثلاثة أقوال‏:‏ إن عرف، وقدر على رده رد، وإن عرف، ولم يقدر على رده‏.‏ قال ابن القاسم‏:‏ هو للثاني‏.‏ قال ابن حبيب‏:‏ بل ترد فراخه، وإن لم يعرف، أو عرف، ولم يعرف عينه، فللثاني؛ لأن الأول إنما ملكه بسبب الحيازة، وقد ذهبت لا أنه ملك محقق، فإن أوى إلا دار رجل، ولم يعلم صاحبه، وعلم أنه بريء، فله ملكه وإن عرف بوجه رده على قول مالك، وإن كان من حمام البيوت رده، ولم يتعرض لحبسه، فهو لقطة، وهو بالخيار بين بيعه للصدقة بثمنه، وبين حبسه، والصدقة بثمنه، فإن حبسه، ولم يتصدق بشيء، فواسع ليسارته، والأجباح يجري نصبها على ما تقدم في الأبراج، فلا تنصب في القرب، فإن فعل، وليس ثم إلا نحل مربوب فهو فيما دخل إليه أسوة، فإن كان ثم نحل كثر غير مربوب فيما دخل إليه فلينصب، وما دخل إليه فهو له، فإن دخل فرخ جبح آخر‏.‏ قال سحنون‏:‏ هو لمن دخل إليه كالحمام إذا لم يقدر على رده، وقال ابن حبيب‏:‏ يرده إن عرف موضعه، وإن لم يقدر رد فراخه، ويلزمه أن يقول برد ذلك العسل، وانتقال الملك في النحل أقوى من الحمام؛ لأنه يصاد، والنحل لا يصاد، بل يأوي بنفسه، وفي الكتاب‏:‏ من صاد حمام برج رده إن قدر، وإلا فلا، ومن وضع جبحا، فله ما دخل من النحل‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ قال التونسي‏:‏ إذا تزوجت جماعة من البيوت مع ذكر له ردها له مع نصف الفراخ، فإن الأب والأم يشتركان في الفرخ، وقال مطرف‏:‏ لا يتخذ النحل والحمام حيث يؤذيان في الثمار، والزروع، وجوزه أصبغ‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ من قتل كلب صيد، أو زرع، أو ضرع فعليه قيمته، أو من كلاب الدور، فلا شيء عليه؛ لأنها تقتل، ولا تترك، ولا يجوز بيع كلب سوقي، ولا غيره لنهيه عليه السلام عن ثمن الكلب قال صاحب الإكمال‏:‏ مذهب مالك، وأصحابه قتل الكلاب إلا ما استثنى للصيد، وما ذكر معه، وعندي أن الجمع بين الأحاديث الاقتصار بالقتل على الأسود البهيم‏.‏

الفصل الثالث‏:‏ في المصيد

وفي الجواهر‏:‏ كل حيوان مأكول اللحم معجوز عنه في أصل خلقته احترازا من الناد من الأنعام‏.‏ قاله في الكتاب خلافا للأئمة مراعاة للأصل، ولأن الذكاة بالعقر على خلاف الأصل أيضا، وحجتهم أن الموجب لذكاة العقر هو العجز، وهو موجود، فنحن نقضنا هذه العلة، وهم طردوها، وأجاز ابن حبيب ذلك في البقر خاصة؛ لأن لها أصلا في التوحش، وفي الكتاب‏:‏ ما دجن من الوحش، ثم توحش أكل بالعقر لاجتماع الأصل في العلة، وفي مسلم‏:‏ أصبنا نهب إبل وغنم، فند منها بعير، فرماه رجل بسهم، فحبسه، فقال عليه السلام‏:‏ ‏(‏إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا غلبكم منها شيء فاصنعوا به هكذا‏)‏ وجوابه‏:‏ ليس فيه أن السهم قتله، بل حبسه، ونحن نقول به، ويستدل بهذا الحديث على تذكية المتردي في مهواة من الأنعام‏.‏

فائدة‏:‏ أبدت الديار، والحيوانات تأبدا إذا توحشت، وأتى بآبدة أي بكلمة متوحشة، وفي الجواهر‏:‏ الحية، وغيرها من المعجوز عنه تؤكل بالعقر كالصيد، فإن قدر عليها، فكالأنعام‏.‏

تنبيه‏:‏ الحية متى أكلت بالعقر قتل أكلها، بل لا يمكن أكلها إلا بذكاة مخصوصة تقدمت في الأطعمة‏.‏

الفصل الرابع‏:‏ في فعل الصائد

والصيد ابتداء إرسال الجارح، أو السلاح المحدد ناويا بذلك الصيد، والذكاة مسميا لله تعالى، وقاله الأئمة، واشترط ‏(‏ش‏)‏ رؤية المنوي، وفي الكتاب‏:‏ لا بد من التسمية لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله فكل‏)‏ فإن تركها عمدا لم تؤكل، وقاله ‏(‏ح‏)‏، وابن حنبل خلافا لـ ‏(‏ش‏)‏، أو غير عمد أكل‏.‏ قال أبو الطاهر‏:‏ إن تركها ناسيا لا يضر قولا واحدا، ومتهاونا لم تؤكل، أو عامدا فقولان‏.‏

نظائر‏:‏ أربع مسائل أسقط مالك فيها الوجوب مع النسيان‏:‏ التسمية، والموالاة في الطهارة، وإزالة النجاسة، وترتيب الفوائت من الصلوات لضعف دليل الوجوب بسبب تعارض المدارك، فقوي الإسقاط بعذر النسيان‏.‏

وأما النية‏:‏ فقال اللخمي‏:‏ المصيد أربعة‏:‏ حلال كالغزلان، ونحوها من الوحش، والطير غير ذي المخلب، فلا يحل صيده إلا بالنية، أو بتذكية لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏الأعمال بالنيات‏)‏ وحرام كالخنزير يجوز قتله بغير نية لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏لينزلن فيكم عيسى بن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير‏)‏ إلا أن يضطر أحد إلى أكله، فيستحب له تذكيته، ومكروه كسباع الوحش يخير بين نية الذكاة على الكراهة، أو نية القتل، وعلى القول بالتحريم، فكالخنزير، ومختلف فيه كالثعلب، والضبع إن أراد الأكل نوى، وما كان ذا مخلب مؤذ كالغراب خير بين رميه بنية الذكاة، أو القتل، واختلف في جواز قتله من غير أن يؤذي‏.‏

تفريع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إذا توارى الكلب، والصيد ثم وجد ميتا فيه أثر كلبه، أو بازيه، أو سهمه أكله، فإن بات لم يأكله، وإن أنفذت مقاتله أو وجد فيه سهمه؛ لأنه قد ينقلب على السهم، فينفذ مقاتله بغير فعل الصائد‏.‏ قال اللخمي‏:‏ إذا غاب الصيد من غير بيات، فله أربع حالات‏:‏ يؤكل في حالتين إذا عرفه، وإن لم يكن معه بازيه، ولا فيه سهمه، أو فيه سهمه، ومعه بازيه، أو كلبه، ولا يؤكل في حالين إذا لم يعرفه، ولا فيه سهم، ولا معه جارح، وبقربه صيد يشككه فيه‏.‏ قال أبو الطاهر‏:‏ في إباحته إذا فات ثلاثة أقوال‏:‏ أحدها‏:‏ ما تقدم لقول ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ كل ما أصميت، ودع ما أنميت‏.‏ والإصماء ما حضر موته‏.‏ والإنماء ما غاب عنه موته، وثانيها‏:‏ الإباحة، وقاله ‏(‏ح‏)‏ عملا بالغالب، وثالثها‏:‏ التفرقة بين السهم فيحل؛ لأن أثره لا يختلط بغيره بخلاف الجارح، وحكى اللخمي قولا بالكراهة، وفي الكتاب‏:‏ ولو توارى، فرجع، فوجده ميتا من يومه لم يأكله إذا لعله لو بقي أدرك ذكاته، وهو مفرط بالرجوع عنه، ومتى أدرك الصيد لم تنفذ مقاتله، وتركه حتى قتله الجارح لم يؤكل؛ لأنه صار مقدورا عليه، وقاله الأئمة، وكذلك لو اشتغل بإخراج السكين، أو انتظار عبده حتى قتله الجارح، وقاله ‏(‏ش‏)‏، فإن أدركه منفوذ المقاتل يضطرب فحسن أن يفري أوداجه إيحاء للموت‏.‏ فإن تركه أكل؛ لأنه منفوذ المقاتل، وإن قدر على خلاصه من الجارح لم يؤكل إلا بالذكاة، وإن غلب أكل إلا أن يقدر على تذكيته في أفواهها، ولو ذكاه في أفواهها مع قدرته على خلاصة لم يؤكل إذا شك أذكاته قتلته، أو نهشا‏؟‏ فإن تيقن ذكاته أكل، وإن أدركه غير منفوذ المقاتل، وليس معه ما يذكيه به حتى أنفذت مقاتله لم يؤكل‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ قال أصبغ‏:‏ رواية ابن القاسم في الصيد البائت عنه خطأ عن بلاغ ضعيف، وقد قال مالك‏:‏ إذا أنفذ السهم مقاتله، ثم تردى من جبل أكل‏.‏ قال ابن القاسم في العتبية‏:‏ إذا اشتغل بإخراج المدية من حزامه حتى مات أكل؛ لأنه غير مفرط بخلاف إخراجها من جرحه؛ لأنه ليس موضعها‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ قال محمد‏:‏ ولو مر به غير صاحبه، فلم يخلصه من الجارح مع قدرته عليه لم يؤكل، وعليه قيمة مجروحا‏.‏ قال اللخمي‏:‏ يريد إذا كان معه ما يذكيه، فإن لم يكن معه أكل، واختلف في تغريمه القيمة قال‏:‏ وعدم الغرم أحسن لا سيما إذا كان يجهل أن له ذكاته، ولو مر بشاة، فخشي عليها الموت، ولم يذكها لم يضمنها؛ لأنه يخاف عدم التصديق‏.‏ قال أبو الطاهر‏:‏ في كتاب محمد لا يغرم المار مطلقا، وخرج ابن محرز القولين على الخلاف في الترك هل هو فعل، فيضمن أم لا‏؟‏ ويخرج على هذه القاعدة‏:‏ من رأى إنسانا يستهلك بنفسه، أو بماله، وهو قادر على خلاصه، ولم يفعل، والذي لا يؤدي الشهادة حتى يتلف الحق، أو يحبس الوثيقة عنده حتى يتلف الحق، والتارك للمواساة القادر عليها حتى يهلك المحتاج، والمانع ما يخاط به الجرج حتى يهلك، والمانع فضل الماء حتى يهلك الزرع، والمانع ما يقام به حائط حتى يقع، والمقطع لوثيقة، فيضيع ما فيها، أو يقتل شهوده، ولو أضعف من التقطيع؛ لأنه متعد على سبب الشهادة، والأول متعد على نفسها‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ قال‏:‏ والمرسل كلبه على صيد، فيأخذ غيره لا يؤكل لعدم النية خلافا لـ ‏(‏ش‏)‏، وابن حنبل، أو على جماعة، وينوي أي شيء أخذ منها، أو على جماعتين أكل لحصول النية، وكذلك الرمي، وإن عين واحدا، فأصاب غيره لم يؤكل، وقال الأئمة‏:‏ يؤكل نظرا لأصل النية، وإن رأى جماعة، فنواها، ونوى أن يجاوزها لغيرها، فكذلك أيضا يؤكل ما صيد منها، أو من غيرها‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ قال أشهب‏:‏ لا يأكل ما صاده من غيرها، ولا ما أرسل عليه في غيضة لا يعلم ما فيها إذا كان المكان لا يؤمن أن يدخل فيه صيد بعد الإرسال، وأجازه أصبغ لندور الزيادة على الحاصل عند الإرسال، وفي الجواهر‏:‏ لا يبيح ابن القاسم الإرسال إلا على الموضع المحصور، وأشهب لا يجيزه إلا على المرئي كالذبيحة لا ينوي إلا معينا، وأصبغ يبيح المعين بالجهة‏.‏ قال اللخمي‏:‏ ولو نوى واحدا غير معين، فأصاب اثنين أكل الأول فقط؛ لأن الثاني غير ذكي، فإن شك فيه لم يؤكل، وإن نوى اثنين، فأكثر أكل الجميع في السهم، والجوارح عند مالك، وابن القاسم، وخالف ابن المواز في الجوارح دون السهم، والفرق‏:‏ أن السهم يقتل الجميع على الفور بخلاف الجوارح‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إذا أثار صيدا، واشللى كلبه، وهو مطلق من غير إرسال من يده أكل لوجود الإشلاء، ثم قال‏:‏ لا يؤكل حتى يرسله من يده لتكون حركة الجارح من يده كالمدية، وبالأول أخذ ابن القاسم، وأما لو ابتدأ الكلب طلبه، وأفلت من يده، ثم أشلاه بعد لم يؤكل لقوة إضافته للجارح لا له‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ أجاز أصبغ أكل ما يبتدئ الكلب طلبه إذا أتبعه الانشلاء، والتسمية؛ لأن الجارح لابد من مشاركته للصائد بطبعه‏.‏ قال محمد‏:‏ وإذا رأى جارحه يحد النظر، وينقلب، فأرسله على شيء لم يره الصائد أكل ما أخذه كالإرسال في الغياض، وقاله، وقال مالك‏:‏ لا أحب أكله؛ لأنه وإن أرسل على مظنون الوجود، فلعل الممسك غير المرئي، أو لا للجارح إلا أن يتيقنه، ولو اضطرب الجارح، فوقع الصيد في حفرة لا مخرج له منها، أو انكسرت رجله، فتمادى عليه، فقتله لم يؤكل‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ المرسل كلبه على صيد، ثم يرجع، ثم يعود إن كان رجوعه مراوغة أكل، وإن كان إعراضا لجيفة، أو غيرها لم يؤكل لبطلان الإرسال، وهو شرط‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إذا قطع رأس صيد أكل إن نوى اصطياده، وإلا فلا، وإن قطع يده، أو رجله، أو ما يعيش بعده أكل بقيته دون المباين لما يروى أنه عليه السلام قدم المدينة، فوجدهم يجزون أسنمة الإبل، وإليات الغنم، فقال‏:‏ ‏(‏ما أبين من الحي فهو ميتة‏)‏ فإن كان يعود التحام ما قطع أكل جميعه قال المازري‏:‏ ووافقنا ‏(‏ش‏)‏ في أكل النصفين، ومنع ‏(‏ح‏)‏ إلا أن يكون ما يلي الرأس أقل، فإنه من معنى التذكية، وأجاز ‏(‏ش‏)‏ أكل العضو المبان مطلقا إذا مات الصيد من تلك الضربة؛ لأنه لم يبن عن حي إلا إذا تعدد الضرب، فقد أبين عن حي، والتذكية إنما حصلت بالثانية‏.‏ قال صاحب البيان‏:‏ لا خلاف أنه لا يؤكل المبان إذا كان الفخذين، ونحوهما، وأنه يؤكل الجميع إذا قسمه نصفين، فإن أبان وركيه مع فخذيه، ولم تبلغ الضربة إلى الجوف‏.‏ قال مالك‏:‏ لا يؤكل المبان، وقال ابن حبيب كذلك إن أبين العجز مع ذلك، والصواب أكل الجميع، وإن بقي العجز؛ لأنه لا يعيش بعد الفخذين، فلو قطع خطمه لم يؤكل الخطم، وإن تعذر عليه الرعي؛ لأنه ليس بمقتل، فقد يصب الماء في حلقه‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إذا شحت الصيد، فمات من الانبهار دون جرح يؤكل، وقاله ‏(‏ش‏)‏، و‏(‏ح‏)‏ خلافا لابن حنبل، وأشهب، ومنشأ الخلاف أن أصل الذكاة إخراج الدماء بجملتها اقتصر على الجرح في الوحش للضرورة، وإن لم توجد فهو ميتة، أو ينظر إلى ظاهر قوله‏:‏ ‏(‏مما أمسكن عليكم‏)‏ وهذا ممسك علينا‏.‏

فرع‏:‏

قال ابن يونس‏:‏ لو رمى صيدا في الهواء، فسقط في الماء، أو في جبل، فتردى، فمات لم يؤكل إذ لعل سبب موته الغرق، أو التردي دون الرمي إلا أن ينفذ مقاتله‏.‏ وقاله ‏(‏ش‏)‏، و‏(‏ح‏)‏‏.‏

فرع‏:‏

قال ابن يونس‏:‏ إذا رمى غزالا يظنه بقر وحش، فالصواب أنه يؤكل؛ لأنه نوى الصيد، وقال أصبغ‏:‏ لا يؤكل؛ لأنه لم ينو خصوصه، ويلزم على هذا إذا نوى ذكاة كبش فظهر أنه نعجة‏.‏

فرع‏:‏

قال المازري‏:‏ إذا أرسل مسلم، ومجوسي كلبيهما، ولم يعلم استقلال كلب المسلم لم يؤكل، وإن ارسل المسلم وحده كلبه، فرد كلب المجوسي على كلب المسلم الصيد أجازه ‏(‏ش‏)‏، ومنعه ‏(‏ح‏)‏ قال‏:‏ وهو مقتضي أصولنا؛ لأنا نقتل الممسك للقتل، وإن لم يقتل مع أن ‏(‏ش‏)‏، و‏(‏ح‏)‏ لا يقتلاه، فبقي ‏(‏ش‏)‏ على أصله، وغلب ‏(‏ح‏)‏ حكم التحريم هاهنا، واحتج الشافعية على ‏(‏ح‏)‏ أن كلب المجوسي لو قرب الصيد سهم المسلم أكل اتفاقا، وإذا أمسك مجوسي كبشا لمسلم حتى ذكاه أكل اتفاقا مع وجود الإعانة قال‏:‏ وعندي في السهم نظر‏.‏ ولو أثار كلبه، فأغراه مجوسي أكل بخلاف العكس، وقاله ‏(‏ح‏)‏؛ لأن الأصل الإرسال، وإذا شارك المعلم غير معلم إن تيقن المعلم أكل، أو غير المعلم لم يؤكل أو شك لم يؤكل، أو ظن فقولان‏.‏

فروع‏:‏

في الكتاب‏:‏ من طرد صيدا، فدخل دار إنسان؛ لأنه اضطره، فهو له، وإن لم يضطره، فهو لصاحب الدار، وما وقع في الحبالة، فأخذه أجنبي هو لربها‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ ومن اضطر صيدا إلى حبالة بإلجائه، فهو له، وإلا فلربها، وإن تعمد وقوعه فيها، فلهما بقدر ما يرى ذلك‏.‏ قاله مالك، وقال أصبغ‏:‏ هو للطارد، وعليه قيمة الانتفاع بالحبالة كمن صاد بكلب رجل، أو سهمه، وقال محمد‏:‏ هو لطالبه سواء تعمد، أو ألجأ، وعليه الأجرة، ولو كان الصيد غير ملجئ، فلصاحب الحبالة؛ لأنها كيده بسبب نصبها لذلك، وقال ابن القاسم‏:‏ الصيد بكلب رجل له الأجرة، والصيد لرب الكلب كما لو تعدى على عبد رجل، فبعثه يصيد له بخلاف المتعدي على الفرس، الصيد له، وعليه الأجرة؛ لأن الفرس ليس ممسكا‏.‏

فرع‏:‏

قال ابن يونس‏:‏ قال مالك‏:‏ إذا ند الصيد المملوك بصيد، أو بشراء، ثم صيد بقرب، ولم يتوحش، فهو للأول، وإلا فلمن صاده‏.‏ قال المازري‏:‏ قال ابن عبد الحكم، والأئمة‏:‏ هو للأول، وإن طال توحشه كسائر الأملاك لا تبطل بالغيبة عن المالك، وقال ابن حنبل‏:‏ إذا وقع في شبكته دون يده ملكه، وإن انفلت، فلمن أخذه بخلاف يده، فإن لم يتأنس عند الأول، قال ابن عبد الحكم أيضا‏:‏ هو للأول، وقيل‏:‏ للثاني بخلاف ندوده بعد تأنسه، واتفقوا على الحربي يؤسر، ثم يبق إلى بلد الحرب، ثم يؤسر، فإنه للأول، وهو شديد الشبه بالمصيد، وقد فرق بعض أصحابنا بأن الحربي له من يمنعه، والصيد بقي دون مانع كموات الأرض إذا أحيي، ثم خرب، والروايات على التسوية بين مالك الأول بصيد، أو شراء، وقال في الكتاب‏:‏ إن كانت بشراء، فللأول، أو بصيد، فللثاني كما قلنا في إحياء الأرض‏.‏

واتفقوا على أن الماء إذا حيز من نهر، ثم انصب فيه أن الملك يسقط، ونقل عن الشافعي أن الملك باق في الماء‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ من صاد ظبيا في أذنه قرطان عرفهما، وإن كان هروبه هروب انقطاع، فالصيد للصائد، وما عليه فلربه، فإن قال ربه‏:‏ ند من يومين، وقال الصائد‏:‏ لا علم لي، فعلى ربه البينة؛ لأنه مدع إلا أن يجده مربوطا بخيط، أو في شجرة، فللأول، وقال سحنون‏:‏ البينة على الصائد أنه مدع زوال ملك الأول، وقال ابن عبد الحكم وش، و‏(‏ح‏)‏‏:‏ هو للأول طال زمانه أو قصر استصحابا للملك السابق‏.‏ لنا‏:‏ القياس على صيد الماء، وهذه الفروع تنزع إلى قاعدة إحياء الموات، وأنه إذا ذهب إحياؤه عاد مواتا، ويمكن الفرق بأن الشرع أصدر ذلك بصيغة الشرط، فقال‏:‏ ‏(‏من أحيى أرضا ميتة فهي له‏)‏ ويلزم من انتفاء الشرط انتفاء المشروط، وهاهنا بصيغة الإذن، والتمليك كالمعادن، وغيرها، وقال تعالى‏:‏ ‏(‏وإذا حللتم فاصطادوا‏)‏ ‏(‏المائدة‏:‏ 2‏)‏ ولأن الموات إذا خرب بترك مجيئه له كان ذلك إعراضا عن ملكه، وإسقاطا له، والصيد فر بنفسه، نظيره‏:‏ غصب الموات المحيى، فإنه لا يسقط الملك فيه‏.‏